أبدأ مقالتي هذه من ذاك النسر الذي كان يعيش في إحدى قمم الجبال ويضع عشه في أعلى إحدى الأشجار، وكان عش النسر يحتوي على بيضات صغار، حتى حدث زلزال عنيف هز الأرض بشدة فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج، وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضة النسر هذه، وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس .
وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل، ولكن هذا النسر بدأ يتربى على أنه دجاجة، وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة، وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج شاهد مجموعة من النسور تحلّق عالياً في السماء، تمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور، لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلين له: ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور، وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي، وآلمه اليأس ولم يلبث أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج .
إن ما يمكن أن نستقيه من تلك القصة هو استسلام البعض للواقع السلبي والانقياد إليه، فهناك من يستسلم لواقعه ولا يفكر البتة في أن يغيّر من ذاك الواقع، وذلك بسبب ما يتلقاه من الآخرين من عبارات التقزيم والتقليل والتحجيم، أو من خلال ما تمليه عليه ذاته التي لم تعرف ما تمتلكه من قدرات كامنة قادرة على تحقيق المستحيل.
إنّ تحقيق الذات وتقديرها هي من أهم حاجيات الإنسان ومطالبه، وانتقاصها هو انتقاص من شخصية الانسان، لذا من الأهمية بمكان إعادة النظر من جديد لذواتنا من زاوية جديدة، بعيدة عن المثبطين الذين يريدون لك ما لا يرضونه لأنفسهم.
من الناس من يحترفون نقل الأفكار السلبية الهدامة كما تفعل الحشرات وتنقل القاذورات، فيقابلونك دوما بعبارات ” لن تستطيع فعل هذا الأمر.. لن تنجح في تنفيذ فكرتك.. من المستحيل أن تتخطى العقبات التي تعترضك.. لا تتعب ذاتك كثيراً وأرح نفسك.. أنت تضيّع وقتك في هذا الموضوع…الخ
عليك أن تبتعد عن هذا الصنف من الناس لأنهم سيكونون سبباً في تدميرك وضياعك، ولتكن دوماً قريبا من الإيجابيين؛ رافق الناجحين وتعامل معهم، اسمع نصائحهم، استشر منهم من تراه الأقدر على إفادتك، وقتئذ سيأخذون بيديك نحو الطريق السليم ونحو سلم النجاح، سيساعدونك لتحلّق بعدها في سماء الناجحين المؤثرين كما تحلّق النسور.
